الوضع الاقتصادي لجمهورية مصر العربية أصبح لسان حال المواطنين الذين يبحثون عن إجابة لتساؤلاتهم وسط ارتفاع الأسعار في الوقت الآونة الأخيرة وتغير سعر الصرف وتذبذب أسعار الذهب وارتفاعه لأسعار قياسية، ولهذا؛ أجرى موقع «مؤتمن» حوارًا مع الخبير الاقتصادي أحمد مرشد، المستشار الاستثماري لشركة أزيموت مصر لإدارة الصناديق ومحافظ الأوراق المالية، للإجابة على العديد من التساؤلات ومعرفة المشهد الاقتصادي المصري حاليًا.. وإلى نص الحوار
س| في البداية.. ما هو تقييمك للمشهد الاقتصادي الحالي في مصر؟
ج| الوضع الاقتصادي المصري يُعتبر ضبابي بعض الشيء؛ حتى تأتي موارد دولارية أو يحدث تعاملات بالعملات الأجنبية لكي نستطيع الخروج من هذا الوضع.
نريد الإشارة إلى أن مصر لديها سعرين للصرف أحدهما سعر صرف أصول أجنبية في البنوك المصرية والآخر لدى البنك المركزي المصري، ولكن هناك بعض العوامل المضيئة في تغيير لهجة صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بسعر الصرف اتجاه وتحول من تحرير سعر الصرف إلى السيطرة على التضخم وخروج القطاع الحكومي من الأنشطة الاستثمارية.
س| لماذا يحدث انخفاض في قيمة الجنيه مستمرة؟ وما هي توقعاتك سعره أمام الدولار خلال 2024؟
ج| السبب هو عدم توفير دولارات في البنوك والدولة معتمدة بشكل رسمي على استيراد سلع أساسية من احتياجات الشعب من الدول وتحتاج إلى عملات أجنبية.
وبشأن سعر صرف الجنيه أمام الدولار، سنرى أسعار الدولار الرسمية تتراوح في البنوك بين 42 إلى 45 جنيه مصري خلال 2024 في حالة وجود تعويم حر بشكل كامل، الذي لن يحدث إلا إذا توفرت موارد دولارية أو مبالغ دولارية.
كما أن مصر تحتاج ما لا يقل عن 30 إلى 40 مليار دولار تقريبًا لحدوث تعويم، حيث إذا حصل وتوفر هذا الرقم ستشهد القضاء على السوق السوداء وعدم وجود سوق موازي.
س| ما هو حجم التحديات على القطاع الخاص والمواطنين نتيجة التضخم؟
ج| القطاع الخاص في مرحلة انكماش على الرغم من أن مؤشر مدير المشتريات حدث في تحسن ولكن يزال القطاع الخاص داخل نطاق الانكماش وهذا يؤثر بشكل كبير جدًا على المواطنين في ناحية التضخم .
س| وما هي الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر في ظل الظروف الحالية؟
ج| البلد تحتاج كل من يبدأ في نشاط إنتاجي أو استثماري أو صناعي بدلًا من يضع فلوسه في البنوك أو العقارات أو الذهب.
أما الفرصة التالية هي التصدير، فهو من أهم المشاريع الإنتاجية التي تخدم السوق المحلي، وكذلك المشاريع الصناعية التي تخدم السوق المحلي بدورها أو تصدر للخارج.
س| ما هي الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتحسين الأداء الاقتصادي في مصر؟
ج| يوجد العديد من الإصلاحات الاقتصادية؛ لجذب المستثمرين وتحسين القطاع الاقتصادي، لكن يجب الانتباه إلى ضرورة وجود استراتيجية للعمل من خلالها، وكذلك تحديد نوعية الدولة سياحية أم صناعية أم الزراعية التي سيتم التركيز عليها في الاستراتيجية.
كما علينا ترتيب الأولويات؛ نظرًا للحاجة إلى توزيع المجهودات بشكل صحيح وفقًا لعمليات الإصلاحات التي تحتاجها الدولة فهي كثيرة لهذا نحتاج لترتيب وتوضيح الأدوار، خاصة وأننا نحتاج إلى إصلاحات في التكامل بين السياسات النقدية والسياسات المالية وعلاقتهم بالهيكل الاقتصادي للدولة، وبخاصة المنظومة الاقتصادية الضريبية التي نشهد فيها مشاكل كبيرة للغاية ومنها فض التشابك المالي ما بين الوزرات والهيئات الحكومية.
س| ما رأيك في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟
ج| مشروع واعد، بالرغم من عدم الحاجة للتركيز عليه في الوقت الحالي، لكن العاصمة لديها استراتيجية كبيرة للغاية سوف تفيد الدولة خلال الفترة المقبلة.
وكانت هناك رؤية للعاصمة الإدارية الجديدة 2027 ولكن المدة سوق تقل وسنشهد تطور بشكل سريع في نهاية 2024 و2025 وبالتالي إذا تمت إدارة الملف بشكل سليم هيتم بدء أنشطة ترفيهية كبيرة، وكذلك أنشطة رياضية ومؤتمرات التي تساعد في تشغيل العاصمة الإدارية.
س| ما هي النصائح التي تقدمها للمصريين الراغبين في الادخار والاستثمار في الذهب أو الدولار أو العقارات؟
ج| لا أنصح تماماً الاستثمار في الدولار لعدة أسباب أبرزها أنه يتطلب الحصول على الدولار بطريقة غير رسمية وهي من السوق السوداء وهذا يعرض الشخص لعقوبة وجريمة يعاقب عليها القانون بتهمة الاتجار في العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية فإن الحصول على الدولار وتخزينه يساعد على زيادة التضخم ورفع أسعار السلع والخدمات ويساعد السوق السوداء على البقاء.
كما أن كل السلع والخدمات في مصر مسعرة بسعر السوق السوداء ولا يوجد سلعه مسعرة بسعر الدولار الرسمي في البنوك .
ولهذا؛ أنصح بالتنوع والاستثمار في الذهب والعقارات وصناديق الاستثمار متوسطة ومرتفعة المخاطر، وأن نبعد بقدر المستطاع عن الشهادات البنكية لأن معدل الفائدة الحقيقي يأتي بالسالب.
س| ما هو توقعك حول اسعار الذهب بعد تثبيت سعر الفائدة وكسره حاجز الـ 3000 جنيهًا؟
ج| بعد طرح شهادات 23.5% و27% زيادة أسعار الذهب وعيار 24سيصل إلى 4000 جنيهًا بكل سهولة، كما أنه ليس بعيد أن نرى حدوث تعويم بشكل كامل ومن المتوقع حدوث التعويم بعد نهاية الربع الأول من 2024.
س| ما هي توقعاتك للوضع الاقتصادي في مصر عام 2024؟
ج| سيظل هناك بعض التشديد النقدي ولن نتجه نحو تخفيض أسعار الفائدة إلا في نهاية الربع الأول أو ما بعد نهاية الربع الأول من عام 2024 وسوف نتجه للتثبيت ثم التخفيض تدريجياً وبشكل ناعم وهادئ.
كما سنرى هبوط في أسعار الفائدة خلال 2024، سيكون تخفيض سعر الفائدة بحوالي 300نقطة في هذا العام بما يعادل 3% أو أكثر.
ومن المتوقع أن يحدث انفراجة في الوضع الاقتصادي بعد الحصول موارد دولارية بعد التركيز على ملفات هامة مثل السياحة والقضاء على السوق السوداء وبالتالي يساعد على عودة تحويلات المصريين في الخارج بشكل أكبر مره أخرى .
س| ما هو دور مصر في مجموعة البريكس وما هي الفوائد والتحديات التي تواجهها؟
ج| هناك فوائد عديدة إذا عملت مجموعة البريكس بشكل فعال على النقاط التي تم وضعها سوف في تقليل الاعتماد على الدولار، بهذه الطريقة سنبدأ العودة مرة أخرى إلى التعامل بالمقايضة مثل ما حدث مع كينيا خلال الشهر الماضي.
وأسلوب المقايضة هو إعطاء الدولة سلعة والدولة الأخرى تعطي سلعة مقابلها، كما أن هناك تقويم لهذه الأشياء بشكل مالي ميسر، ولكن كل هذا يحدث بدون دفع أموال.
وكان تم وضع اتفاقيات مع بعض الدول مثل تركيا والسعودية والإمارات والصين بأننا نتعامل في الميزان التجاري بين مصر وتلك الدول بالعملات المحلية، وهذه الطريقة تساعد في تخفيف الطلب على الدولار وبالتالي سيخفض سعر الدولار.
ونذكر أن التحديات التي تواجه مصر فيما يتعلق بمجموعة البريكس يرى أنها تحديات اقتصادية في المقام الأول بسبب عجز في الميزان التجاري بين مصر ومعظم دول البريكس باستثناء دولة واحدة فقط.
أما التحديات الثانية ستكون تحديات سياسية واستراتيجية بسبب التحالفات بين مصر وبعض الدول غير منضمة لحلف البريكس.